خلق الله آدم على صورته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...

نتحدث اليوم عن خلق الله لـ أبو البشر والنبي الأول في الأرض وهو (آدم عليه السلام)

هناك رواية منتشرة وهي رواية صحيحة عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ علَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِراعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ علَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ المَلائِكَةِ، جُلُوسٌ، فاسْتَمِعْ ما يُحَيُّونَكَ؛ فإنَّها تَحِيَّتُكَ وتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فقالَ: السَّلامُ علَيْكُم، فقالوا: السَّلامُ عَلَيْكَ ورَحْمَةُ اللَّهِ، فَزادُوهُ: ورَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ علَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حتَّى الآنَ

هناك من الناس من يختلط عليه تفسير هذه الرواية, وهناك من اصحاب الملل الأخرى من يقوم بتفسيرها لدرجة انه يتعدى على الله بذلك
فـ تفسير هذه الرواية في قوله صلى الله عليه وسلم
خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ علَى صُورَتِهِ

هناك من اصحاب الملل وبعض من المسلمين يعتقد معنى هذا النص من الحديث ان الله عز وجل خلق آدم على صورته (أي على صورة وشكل الله) (وتعالى الله علواً كبيراً)
وهذا تفسير خاطئ !!
بل المقصود بهذا النص من الحديث:
(ان الله عز وجل عندما خلق آدم عليه السلام, فقد خلقه وشكّله بالصورة التي ارادها الله ان تكون لـ آدم)
ان الله تعالى خلق آدم كما أراد الله ان يصوره (أي خلقه على الصورة التي ارادها الله)
وليس المقصود بقوله (خلقه على صورته) أي تم خلقه على شكل وصورة الله!! (وتعالى الله علواً كبيراً)
ثم بعد ذلك جعل طول آدم عليه السلام 60 (ستون ذراعاً)

فكل مخلوق خلقه الله سواء كان إنسان او دواب او طائر او حيوان بحري , فقد خلقه الله على صورته (بمعنى خلقه الله على الصورة التي ارادها الله لذلك المخلوق)
ولكن الله كـرّم آدم وذريته اذ خلقه الله بأحسن صورة وأحسن قوام وشكل وجعل له السمع والبصر والفؤاد, وكرّمه بان جعل الله جميع المخلوقات والملائكة تسجد له كرامة لـ آدم عليه السلام فزاده تكريماً


أما باقي الحديث فقوله تعالى لآدم عليه السلام (( اذْهَبْ فَسَلِّمْ علَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ المَلائِكَةِ، جُلُوسٌ، فاسْتَمِعْ ما يُحَيُّونَكَ؛ فإنَّها تَحِيَّتُكَ وتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ ))
أي عندما نفخ الله من روحه الطاهرة وأحيا آدم ثم علّمه الأسماء كلها, وعلّمه تحية الإسلام ولذريته من بعده ثم أمره الله ان يذهب إلى اولئك النفر (وهم الملائكة الكرام)
وذلك حتى يطمئنوا لـ آدم ويعلموا ان آدم عليه السلام خلق ذو فطرة طاهرة وطيبة وسليمة وعلى فطرة الإسلام, لإن الله عز وجل عندما قال في كتابه الكريم
(( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ ))

فماذا قالوا الملائكة لله عز وجل ؟؟
(( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ ))

فرد عليهم ربنا تبارك وتعالى بقوله:
(( قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) ))

فعند خلق آدم وتكوينه وإحيائه من الله عز وجل كانت الملائكة تترقب عن هذا الملخوق والذي هو من طين لازب (من صلصال من حمئ مسنون)
فمن المعلوم ان الملائكة خلقت من نور, وابليس الرجيم خلق من مارج من نار (والمارج هو آخر اللهب من النار, وليس من أصل النار)
فعندما رؤوا ان هناك مخلوق من صلصال ارتابوا , ولكن الله يريد ان يطمئنهم ويثبت لهم بأن الله يعلم ما لم تعلمه الملائكة عن هذا المخلوق ذو الفطرة الطاهرة إذ قال الله تعالى في كتابه العزيز
(( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) ))

فعندما أمر الله عز وجل آدم ان يذهب إلى نفر الملائكة ويلقي عليهم تحية الإسلام فذهب آدم وألقى عليهم التحية فسكنت الملائكة وعلموا ان هذا المخلوق ذو فطرة طاهرة وسليمة وعلى فطرة الاسلام فاستئنسوا به
فأخبر الله عز وجل آدم عليه السلام ان هذه التحية ستكون تحيتك ولذريتك من بعدك, وان الرد في السلام ستكون ايضاً هو الرد المشروع على تحية الإسلام, فعندما ذهب آدم عليه السلام إلى الملائكة الكرام وألقى التحية عليهم وقال (السلام عليكم), وردوا عليه (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته) فقد زادوه برحمة الله وبركاته

كما أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام حول طول آدم فقد كان بطول 60 (ستون ذراعاً), وسيكون المؤمنون يوم القيامة وعندما يدخلهم الله الجنة سيكونوا بطول أبونا آدم عليه السلام 60 (ستون ذراعاً)
وكل من يدخل الجنة سيكون على طول وهيئة وصورة وحسن آدم عليه السلام

جعلنا الله ممن قال الله فيهم:
(( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ))
(( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ...))