الوفاء الجميل

قال الله تعالى (ماكان للنبى والذين آمنواإن يستغفرواللمشركين ولوكانوا أولى قربى من بعدماتبين لهم أنهم أصحاب الجحيم)[الآية113التوبة]








سيدى يارسول الله ألى رحابك الطاهرة الوذبمركبى وقددفعه الحب وساقه الشوق إلى كل جميل وثمين من سرتك العطرة ولقدولجت باب رحابك مستأذناوالنفس قدارقهاالسهدواضناهاالندم فإذانفاحت هديك تشمل دنيانابعطرهاالنبوى فتشيع فى النفس املاورجاءيزيدجلاميت اليأس والقنوط.
صورسيرتك العطرة يارسول الله تمتلئ وتزدحم بالقيم والمثل والمبادئ فإن هذه الصورة التى بين أيديناعلى صغرهاتحوى أجمل مافى الوجودمن القيم الانسانية لانهاتوضح لناالوفاء الذى لاتبلوه الأيام
والوفاءعندك يارسول الله قيمة اخلاقيته لهاجذورعميقة ترتبط بالسماء بوشائج وثيقة .
وأنت سليل إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام.
والقرآن يصف إبراهيم بقوله الكريم(وإبراهيم الذى وفى)[الآية37النجم]
ويقول عن إسماعيل (أنه كان صادق الوعدوكان رسولأنبيا)[الآية54مريم]
وصدق الوعدفرع من فروع الوفاء
فالوفاءعندك شيمة اخلاقية وفطرة أنسانية تجرى فى دماءآل البيت رحمة الله وبركاته عليهم منذعهدإبراهيم الخليل فانت الوفى أبن الاوفياءوماأجمل نفسك الطاهرة تحمل بين حناياهاعلى مدى السنين وفاءنادرالمن أدوك إلى الناس وحموك من كفارمكة وشمس الاسلام فى بداءشروقها.
ثم مااجمل هذاالوفاءالذى يصدرعنك يارسول الله الى أحب الناس إليك فى دينياك طفلاوشابابعدإن أكرامك الله بالرسالة ورفع ذكرك وإذاهذاالوفاءيكاديغنى هؤلاءشيئا.
لقدبعثك الله بأسمى رسالة ختم بهاديانات السماءوأرسلك هادياومبشراونذيرا.
وأسرى بك من المسجدالحرام إلى المسجدالأقصى.
وعرج بك إلى السموات العلى ليريك من آياته وليشهدك وحدة الكون الأزلية ولترى وتسمع مالاعين رأت ولاأذن سمعت.
العظمة لاتجدى شيئافى موقفين فيهماالكثيرمن الآسى والألم وإن دلاعلى وفاءكبير
لاينضب معينه.
فبعدست سنوات من هجرتك تخرج من المدينة إلى مكة معتمراإلى بيت الله الحرام والمسلمون فى ركابك يسوقون الهدى.
وفيماأنت فى بعض الطريق عندالأبواءتقف بالركب كله وتعرج على قبرتستأذن ربك الكريم أن تزوره فيأذن لك فتجلس أمامه تصلحه ويحدوك الأمل فتستأذن ربك الكريم فى أن تستغفرلصاحبته فلايأذن لك جل جلاله وعلت قدرته.
وتنصرف عن القبرباكيا حزينا،ويبكى المسلمون لبكائك ويحزنون لحزنك.
إنه قبرأمك آمنة بنت وهب.
وقدأهاجت الذكرى أشجانك فرأيت أمك وقداختطفهاالموت منك فى هذاالمكان بعدعودتك معهامن زيارة أخوال جدك من بنى النجارفى يثرب،ويريدرب العزةأن يتركك يتيماصغيرافى هذاالفقرالموحش بعدأن أدتك إلى الناس.
وتشفق يومهاعليه وتعلم ضخامة مايتعرض له من الضغط من مشركى قريش ،ولكنك تقررأن لامجال للإشفاق فى مثل هذه المواقف الحاسمة فتقول له:
(والله ياعمى لووضعواالشمس فى يمينى والقمرفى يسارى على أن أترك هذاالأمرحتى يظهره الله أهلك فيه ماتركته)
ويعلم أبوطالب صلابة الحق فى مقالك ويشعر بكل معانى الصدق والأمانة والعزم فى نبراتك فيقول لك اذهب ياابن أخى فقل ماأحببت فوالله لاأسلمك لشئ تكرهه أبداً.
وينجح فى جمع شمل بنى هاشم لحمايتك ضدعدوان قريش،ويتعرض بذلك لشتى أنواع العنت والإيذاء.
وتمرالأيام والسنون ويكرمك الله بنصره يوم فتح مكة فيدعوك وفاؤك إلى طلب الاستغفار
له فلايأذن لك المولى جل شأنه.
عدل ومساواة لااستثناءفيهماولامجاملة ولوكان صاحب الحاجة نبى الله ورسوله.
ولناأن نستعرض هذه الصورة مرة ثانية لنستنتج منهاالعبروالعظات ولنرى كيف تكون المثل العليا لبنى البشروهذا حظك يارسول الله حين أردت أن تستغفرلعمك وأمك وقدماتاعلى غيردينك الذى جعل الناس جميعاأمام الله سواءفى الحقوق والالتزامات ووضعهم فى ميزان دقيق بالنسبة لأمورالعقيدة.
رغم أمومة آمنة لأشراف نبى وأكرم إنسان.
وعمومة أبى طالب لنبى الرحمة ورسول الإحسان.
ورغم تأريخ المسلمين لوفاة أبى طالب مع السيدة خديجة بعام الحزن لمانالت قريش منك يارسول الله الأذى مالم تكن تناله فى حياة عمك،فإن هذاكله لم يشفع لهمافى موقف لم تؤدفيه غيرواجب الاستغفارلأحب الناس إليك،أمك التى أوتك إلى الدنيا
تؤدى فيهاأمانة الرسالة التى انتدبك لهارب العزة.
وعمك الذى ساندك وحماك فى مطلع دعوتك وسياط الوثنية تلهب ظهورالمستضعفين الذين لبوادعوتك واجابوانداءك لم يثنه عن ذلك قسوة الإعصارالوثنى المدمرالذى أعماه الحقدوذهبت بصوابة العصبية الجاهلية.
وهودرس رفيع لأمة الإسلام وقادتهاليرواموقف السماءمن المحاباة والمجاملات التى تأكل الحقوق وتقضى على العقيدة وتجعل القيم الأخلاقية كالآثارالدارسة.
وماأحوجناونحن نخوض فترة من أقسى فترات تاريخناأن نستلهم هذاالخلق النبوى ونحذوحذوه ونسيرعلى نهج هذاالتشريع الذى ابى عليك يارسول الله وعلى المؤمنين جميعاأن يستغفروالمن مات لهم على الشرك ،ولوكان منهم أمك آمنة بنت وهب أوعمك أبوطالب.
وفى هذايقول جل شأنه:
(ماكان للنبى والذين إمنواأن يستغفرواللمشركين ولوكانواأولى قربى من بعدماتبين لهم أنهم أصحاب الجحيم.وماكان استغفارابراهيم لأبيه إلاعن موعدة وعدهاإياه فلماتبين له أنه عدولله تبرأمنه إن إبراهيم لأواه حليم)[الآيتان114،113التوبة]
تباركت يارب حكمتك.
وجلت قدرتك.
لك العتبى حتى ترضى.
ولاحول ولاقوة إلابك